هل ذات النبى صلى الله عليه وسلم مثل ذواتنا

مشرف عدد الرسائل : 2 تاريخ التسجيل : 02/06/2008

الحمد لله رب العالمين مكون المكونات بقدرته ومبع المبدعات بحكمته . . وبسط الأرض و رفع السموات بعظمته . وأشهد أن لا إله إلا الله جعل نبوة سيدنا محمد خَاتم النبوات ورسالته أفضل الرسالات ورفعه فوق السموات وأيــده بالمعجزات الباهرات . وأشهــــــد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله أفضل رسل الله وخير خلق الله . اللهـــــــــــم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابة تملأن الأرضين والسموات .
يقول الله تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين :
{قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ }الكهف (110)
يقرأ هذه الآية بعض العوام يريدون بها تسويته صلى الله عليه وسلم بغيره ولم يعرفوا معناها ولو فكروا فيها لوجدوا آخرها غير أولها . . والبشر هو المرئى وإنما سمى الجلد بشرة لأنه يُرى والمعنى إنما أنا بشر مرئى لكم كما يرى بعضكــم بعضاً ولست ملكاً ولا جِنِّياً لأن المَلك والجنى لا يريان . وأنا لست مثلكم لأن الله تعالى أوحى إليه بالرسالة وجعله أول المخلوقات .
فعـن جابر بن عبد الله قال : ما أول ما خلق الله فقال صلى الله عليه وسلم " نور نبيك يا جابر " . أخرجه الحافظ عبد الرزاق اليمنى الزبيدى فى مسنده والشيخ أحمد القسطلانى شارح البخارى فى كتابه المسمى { المواهب اللدنية } والشيخ يوسف النبهانى فى كتابه المسمى { الأنوار المحمدية }.
تعالوا بنا يا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم نبحثُ فى كيفيـــه ذاته الشريفة هــــــــــل كانت مثل ذواتنا أم إنه له
ذات إصطفاها الله على عينه وفضلها على غيره .إن عقل الإنسان يتحمل معلومات خمسون أو سبعون أو مائة سنة فإذا تحمل فوق ذلك يهزى أمـــــــا عقل النبى فقد وصل به الرُقى والرجحان أن تحمل معلومات مايكون على وجهه الأرض إلى قيام الساعة أى تحمـــــل معلومات مئات السنين بل الآف السنين وهذا ما قالته السنة .
فعن أبى هريرة  قال : أن النبى صلى الله عليه وسلم صعــد المنبر بعد الفجر وظل يخطب إلى الظهر ثم صعد وظل يخطب إلى العصر ثم صعد وظل يخطب إلى المغرب ثــم صعد وظل يخطب إلى العشاء فحدثنا عما كان وما يكون إلى قيام الساعة فكان أعلمنا هو أحفظنا لهـذا الحديث . رواه مسلم والإمام أحمد فى مسنده والإمام السيوطى فى الخصائص الكبرى وغيرهم
إذن علم النبى صلى الله عليه وسلم ما يكون على وجه الأرض إلى قيام الساعة فتحمل عقله كل هذا فقـد قال تعالى :
{وَعَلَمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعَلَمْ وكان فَضْلُ الله عَلِيكَ عَظِيماً }النساء (113) هذا هو عقل النبى صلى الله عليه وسلم الذى إصطفاه الله لتحمل عبء الدعوة .
إن عين الإنسان ترى الأشياء إذا لم يحجبهـا حاجب أما إذا حجبت بجدار أو نحوه فإن العين لا ترى أما عين النبى صلى الله عليه وسلم فقد رأت ما فى الدنيا دون حواجب بل اخترقت عينه صلى الله عليه وسلم إلى السموات .
فعن أبى ذر الغفارى  قال : قال صلى الله عليه وسلم " أَطتْ السماءُ وحق لها أن تئِطْ { أى مُلئت عن آخرها } ما فيها موضع قدم الإمَلَك واضعٌ جَبْهتهُ ساجداً لله " . رواه البخارى وبن عساكر
بل اخترقت عينه صلى الله عليه وسلم فوق ذلك فقد رأى بعين النبوة النافذة الباصرة ما كان وما سيكون وما هو كائن رأى الماضى والحاضر والمستقبل ولا تكن عين من أعين البشر أن ترى ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم " إن الله زوى لى الأرض فأنا أرى ما كان فيها وما هو كائن فيها إلى قيام الساعة " رواه الإمام أحمد فى مسنده
فهل فــى الوجود عين ترى الماضى والحاضر والمستقبل غير عين صاحب الرسالة الذى إصطفاه الله على البشر .. إن لسان الإنسان إما أن يورده موارد الهلكـــــــــــــة وإما أن يكون سبباً فى سعادته فهذا سيدنا عُمَـرُ بن الخطاب  يقول بعد أن يشير إلى لسانه " هذا الذى أوردنى موارد الهلكة " .وقال النبى صلى الله عليه وسلم : " وهل يكب الناس على وجوههم فى النار الإ حصائد ألسنتهم " رواه الترمذى والإمام أحمد والحاكم فى المستدرك
أما لسـان المصطفـــــى صلى الله عليه وسلم فكان لا ينطق عن الهوى ولا يتكلم بكلمه الإ وهو وحى من الله قال تعـالى :{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }النجم(3-5)
فكان لساناً صادقاً لا يتكلم ولايتحرك من عند نفسه بل يتحرك بأمر الله العلى القدير .
أما وجه النبى صلى الله عليه وسلم ليس كوجه أحد من بنى البشر لأنه صلى الله عليه وسلم وجه سراجاً منيراً يُدخل السرور على كل من رأى هذا الوجه فروى أن أم المؤمنين السيدة عائشة كانت تخيط ثوباً بليل وسقطت الأبرة من يدها فلم تهتد إليها لظلمة الليل فدخل النبى صلى الله عليه وسلم فأضاء المكان ورأت الأبرة أخرجه الحافظ السيوطى فى الخصائص الكبرى
أما قلب النبى صلى الله عليه وسلم ليس كقلب أحدكم لأن قلبه صلى الله عليه وسلم قلباً متحملاً ما لم يتحمله مجمــوع جبال الأرض قال تعالى :{ لو أنزلْنا هذَا القرآنَ على جَبَلاٍ لرأيتهُ خَاشِعاً مُتصدِّعاً مِنْ خَشْيِه الله} الحشر(21) والمعنــــى أن الجبال الموجـــودة علــــى سطح الأرض لو نزل عليها القرآن سوف تصير هباءاً منبثاً أى أنها لا تتحمل القرآن ولن تتحمــــــل أنواره الجمالية والجلالية لكن هذا القلب الذى إصطفى الله صاحبــــه تحمـــل تلك الأنوار الجماليـــــــة والجلالية قال تعــالى :
{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ }الشعراء (193-194) فهذا القلب تحمل ما لم يتحمل مجمــوع جبال الأرض فالقلب مهيمن علـــى جميع سائر الأعضاء فظاهر أن قلب النبى صلى الله عليه وسلم أفضل قلب على وجه الأرض .
قد يتحمل أحدنا الجوع يوماً أو يومين أو ثلاثة لكنه لا يتحمل فوق ذلك أما صلى الله عليه وسلم فكان يجيع بطنه ويواصل الصوم وكان لا يوقد فى بيته ناراً بالشهر والشهرين والثلاثة لكن النبى صلى الله عليه وسلم يجوع من طعامنا الزائل ويشبع من طعام أعده الله له ولما سئل صلى الله عليه وسلم لما تواصل الصوم قال : " لست كهيئه أحدكم إنى أبيت عند ربى يطعمنـى ويسقينى " أخرجه الحافظ السيوطى فى الخصائص الكبرى . فكان يشبعه الله من طعاماً لا يعلم البشر كنهه فهل بطن أحدكم مثل بطنه صلى الله عليه وسلم وكذلك ما يخرج منه من فضلات ليس كفضلات أحدكم
فعن أم أيمن رضى الله عنها قالت : قام صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة فى جانب البيت فبال فيها فقمت من الليل وأنا عطشانه فشربت ما فيها وأنا لا أشعر فلما أصبح النبى صلى الله عليه وسلم قال : يا أم أيمن قومى فأهرقى ما فى تلك الفخارة فقلت قد والله شربت ما فيها فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال : أما والله لا يَجُعْنَ بطنك أبداً " . رواه الحاكم والدار قُطنى والطبرانى وأبو نُعْيم فما جاعت بعد شرب بول النبى صلى الله عليه وسلم أبداً .
أما يد النبى صلى الله عليه وسلم ليست كيد أحدكم لأن النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى الأرض أمسكت يده قَطْفا من العنب فقد روت السنة أنه صلى الله عليه وسلم كان فى صلاته تقدم خطوتين ثم مد يديه ثم قبضهما ثم تأخر خطوتين ثم قال : يا رب وأنا فيهم { ثلاثاً } فلما إنتهى صلى الله عليه وسلم من صلاته قيل يا رسول الله رأيناك فعلت شيئاً لم تفعـــــله قبــل ذلك فقال النبى صلى الله عليه وسلم أن الله عرض علىّ الجنة فتقدمت فيها ثم مددُ يدى لأقطف لكم قَطفاً مــــن العنب ولو شئت لقطفته لكم ولأكلتم منه حتى قيام الساعة ثم عرض علىّ النار فتأخرت من لفحها خطوتين ثــــم عرض علىّ ذنوب أمتى وأعلمنى أنهم يستحقون النار بذنوبهم فقلت يا رب وأنا فيهم {ثلاثه } فرفع الله عنكم العذاب لأجلى " .
فهذه يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسكت بقطفاً من العنب من الجنة وهو على الأرض فهل يد أحدكم كيـــــد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أنس بن مالك  قال : ما مَسِسْتُ ديِباجاً ولا حَرِيراً ألين من كف النبى صلى الله عليه وسلم ولا شَمَممْتُ رائحةً قط أطيَبَ من رائحة النبى صلى الله عليه وسلم. متفق عليه
أما قدم النبى صلى الله عليه وسلم وطأت على الأرض ثم وطأت السماء الأولى وأرتفعت ثم الثانية وأرتفعت ثم الثالثـة وأرتفعت حتى وصلت إلى السماء السابعة ويا تُرى هل ترتفع قدم النبى صلى الله عليه وسلم لتطأ لأعلى من السماء السابعـة نعم لقد وطأت قدم النبى حتى وصلت إلى السماء السابعة ويا تُرى هل ترتفع قدم النبى صلى الله عليه وسلم لتطأ لأعلى من السماء السابعـة نعم .. إلى العرش بل ما فوق العرش لقد وطأت قـــدم النبى صلى الله عليه وسلم لتطأ لأعلى من السماء السابعـة نعم للسدرة التى ينتهى إليها علـم الخلائق فهل قدم أحدكم وطأت إلى هـذا الحد .
وكان إذا مشى بين الطـوال علاهم وإذا مشى بين القصار سواهم وإذا مشى بين هؤلاء وهؤلاء كـان فى أوسطهم حتى لا تعتلى على رأسه رأس واحدٍ من البشر فهل فى الناس مثل النبى  صلى الله عليه وسلم .
إن موت النبى صلى الله عليه وسلم ليس كموت أحدكم لأن حياته بعد الموت فحياة خاصه .
عن أبى الدرداء  قال : قال صلى الله عليه وسلم " أكثروا من الصلاة علىّ يوم الجمعة فإنه مشهود تشهده الملائكــة وإن أحداً لن يصلى علىّ الإ عُرضت علىّ صلاتُهُ حتى يَفُرغَ منها قال : قلت وبعد الموت قال : إن الله حَرَّمَ علـــى الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام " . رواه بن ماجه
وقال صلى الله عليه وسلم: " حياتى خيرٌ لكم تُحدِثُونَ ويُحـــدِثُ لكمُ { أى تحدثون شئوناً ويحــدث لكم أحكاماً } ومماتى خيرلكم تُعَرضُ علىّ أعمالكُم فإن رأيتُ خيراً حَمِدتُ الله وما رأيتُ شراً إستغفرتُ الله لكم رواه البزار فى مسنده والديلمى فى مسند الفردوس والحارث فى مسنده وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد

أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم أو كما قال أدعوا الله وأنتم موقنون بالأجابة

بارك الله فيك اخى الاستاذ العلامه الشيخ صالح عرابى وجزاكم الله كل الخير